الخميس، 1 ديسمبر 2011

الدوره الجنسيه 1_4

هناك الكثير من التعبيرات العلمية الغائبة عن استخدامنا الدارج، وهناك الكثير منها أيضا غير المفهومة للغالبية العظمى من الناس، وعنوان هذا المقال هو أحد هذه التعبيرات المغمورة، أو لنقل التي بقيت فى الظل خلال حقبة الزمن السابقة، ولكن آن الأوان لنزيل عنها الغطاء ونزيح عنها الستار، ليفهمها ويعلم عنها العامة والخاصة، وأقصد بالخاصة المتخصصين فى المجالات الطبية والعلمية المتخصصة على حد سواء، فما الدورة الجنسية؟!


الدورة الجنسية هي دورة الإحساس بالإثارة الجنسية منذ ولادته إلى نهايته، أى منذ الحالة العادية للإنسان غير المثار، إلى عودة هذا الإنسان مرة أخرى، مرورا بكل حالات الإحساس بالإثارة الجنسية، فما هذه المراحل؟!


الدورة الجنسية لكل من الرجل والمرأة مقسمة إلى أربع مراحل، وترتيبها كما يلى:


مرحلة التنبيه الحسي.. وهي بداية الانتقال من الحالة الطبيعية للإنسان إلى مرحلة الإثارة الجنسية، وهي تنتج عن استقبال مؤثرات خارجية وانتقالها إلى داخل الجسم حيث تقوم بمهمتها، وبالطبع هناك وسيلة لهذا الانتقال، كما أن هناك طرقا أخرى تسري فيها تلك الأحاسيس، أما الوسيلة، فهي أي من الحواس الخمس التى تمثل الاتصال بين الإنسان وبين العالم الخارجي، فهذه الحواس (واحدة أو أكثر منها) بمثابة زر التشغيل الذى يقوم بتوصيل التيار الكهربائي لبداية توليد الطاقة، أما هذه الحواس فهي كما نعلم: النظر، والسمع، واللمس، والشم، والتذوق، أما أهمها و الأكثر قدرة على بداية التنبيه الحسي الخاص بالإثارة الجنسية فهو "النظر"، أى حاسة البصر، وذلك لأن نطاق النظر هو الأكبر والأطول على الإطلاق، فيمكن للإنسان أن يرى الأشياء عن بعد وعن مسافة طويلة فى حين أنه بالنسبة لباقي الحواس يتحتم التقارب لتحقيق التنبيه عن طريق الحواس الأخرى، ولذلك فقد أمرنا الله بغض البصر لارتباط ذلك ارتباطا مباشرا بالإثارة الجنسية، التي قد تكون الطريق لارتكاب واحدة من أكبر الكبائر وهي الزنا، فقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" صدق الله العظيم . "سورة النور الآية 30". ونرى فى هذه الآية الكريمة الارتباط بين غض البصر وحفظ الفرج، فسبحان الخالق العظيم العليم بعباده وخلقه وشؤونهم وغرائزهم، وكيفية التغلب على هذه الغرائز الملحة عليهم، وأولها غض البصر.


أما بالنسبة للحاسة التالية فى الدور بالنسبة للقدرة على الإثارة، فهى حاسة السمع، ومن المعروف أن الرجال أكثر حساسية للتنبيه الحسي والإثارة الجنسية،ـ ولذلك كان أمر الله تعالى فى كتابه العزيز للمؤمنات بأن يتحدثن بطريقة سوية وألا يستخدمن الطرق الملتوية فى الحديث، ولا الكلام الذى يحتمل أكثر من معنى حيث قد يوحي البعض منه بإيحاءات قد تجر الإنسان إلى معصية الزنا أيضا، تلك المعصية التى تهز عرش الرحمن سبحانه وتعالى، وتحمل الإنسان لقب "زان" فيصيبه جم غضب الله في الدنيا والآخرة، ولذلك وجه الله تعالى أمره للنساء ينهاهن عن الميوعة فى الحديث قائلا: "ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" صدق الله العظيم. والخضوع بالقول هو تغيير نمط الصوت إلى الدلال، وعدم الجدية فى الحديث، والتلفظ بألفاظ تحتمل أكثر من معنى..


ومما سبق نستخلص أن اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه تقينا شرورا كثيرة، وأهمها الوقوع فى المعاصي والكبائر، فننشأ في طاعة الله ومن ثم نستحق أن يظلنا فى ظله يوم لاظل إلا ظله فى يوم تشخص فيه الأبصار، يوم الحشر، يوم الفزع الأكبر، فلندعو الله جميعا أن يقينا شر الفزع والرهبة، وأن يقذف في قلوبنا الطمأنينة، فلنطعه كي نستحق ما وعد به المؤمنين الصالحين من عباده.


عودة إلى المرحلة الأولى من الدورة الجنسية فنقول إنه ليس شرطا أبدا أن تنتهي هذه المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، وهو التطور الطبيعي للدورة الجنسية، ولكن قد تعود الأمور إلى سيرتها الأولى فور انقضاء المؤثر البصري أو السمعي أو المؤثرات الأخرى، مثل أن يرى الشاب فتاة، ولا يغض بصره، وخاصة إذا كانت الفتاة ترتدي ملابس غير لائقة فتكون فتنة سائرة على الأرض،فيحدث له التنبيه الحسي المبدئي، ولكن فور انتهاء هذا المنظر تعود الأمور إلى ما كانت عليه من سيرتها الأولى، ويستأنف الشاب وقته أو ما كان يفعله بشكل عادي.


أما سبب الإثارة الجنسية سواء عند الرجل أو المرأة فهو "هرمون الذكورة "Testosterone، وبالطبع يمكننا أن نستنج بعد معرفة هذه الحقيقة العلمية لماذا تكون الرغبة الجنسية أعلى كثيرا عند الرجل منها عند المرأة، ذلك لأن كمية الهرمونات عند المرأة قليلة، وأرجو ألا يتعجب القارئ حال سماع هذا الكلام عن وجود هرمونات ذكرية عند المرأة،فهناك أيضا هرمونات أنثوية عند الرجل، وهذه الكمية البسيطة من الهرمونات الذكرية والأنثوية تفرز عند الجنسين بنفس القدر من الغدة الجاركلوية(الكظرية) ولكن يزيد على هذا القدر المتواضع عند الذكور تلك الكميات الهائلة من هرمونات الذكورة وخاصة بعد البلوغ،أما عند الإناث فتزيد أو، بمعنى أدق، تبدأ هرمونات الأنوثة في الإفراز من المبيضين بعد البلوغ.


وكما قلت، فإن خاصية ما بعد البلوغ عند الذكور لأن الخصية تبدأ في إفراز هرمون الذكورة فور تخليقها في الحياة الجنينية المبكرة، أما عند الأنثى فإن وظيفة إفراز هرمون الأنوثة تبدأ حصريا أثناء فترة البلوغ.


أعرض هذه الحقيقة العلمية لشرح الفرق في المرحلة الأولى للدورة الجنسية بين الذكر والأنثى، فبداية المرحلة الأولى-التنبيه الحسّي- عند الأنثى أو الفتاة ليست بهذه السهولة التي تحدث بها عند الشاب، ولكنها تحتاج لوقت أطول ولمثيرات أكثر وضوحا ولدعوة أكثر صراحة حتى تنتبه مراكزها الحسية ويبدأ التقاط هذا الخيط الشعوري وتوجيهه إلى الطريق العصبي الخاص بالشعور الجنسي، ثم تبدأ الدورة الجنسية عندها بنفس ترتيب الأحداث ولكن بعد بداية مختلفة.


تلك كانت إشارة للمرحلة الأولى من الدورة الجنسية،وهي النقلة بين الحالة العادية للإنسان وحالة الانتشاء الحسّي الخاص بالإثارة الجنسية،وهي أيضا الجسر الذي يعبر بالإنسان إلى المرحلة الثانية من الدورة الجنسية والتي هي أكثر المراحل أهمية كما سنرى بإذن الله إذا كتب الله لنا بقية في العمر في المقال القادم.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق