المصدر: صحيفة النهار اللبنانية
التصق التحرّش الجنسي والإغتصاب بالرجال منذ فجر التاريخ، لكن وإن كان مستغرباً، لا يخلو الأمر من عنف الجنس اللطيف الذي يتحوّل فجأة جنساً خشناً فظاً، بينه وبين الأنوثة بون شاسع. فثمة نساء لا يتورّعن عن تعنيف الرجال والإعتداء عليهم، بدءاً من الشتم والضرب وانتهاءً بالإغتصاب أحياناً! فالمرأة لم تعد وحدها الطرف المستضعف الذي يقاسي من اعتداءات الرجل المختلفة وتحرّشاته، بل بات الرجل أيضاً ضحيّة اعتداءات المرأة التي نحصرها في تحقيقنا بالإغتصاب
يروي سمير قصة صديقه الذي غالباً ما كان يصل الى المكتب في وقت متأخر عن الدوام الرسمي، ولطالما سبّب له ذلك مشكلات مع مديره في العمل. كان يجلس دائماً على كرسيه واضعاً رأسه بين يديه من دون أن ينبس بكلمة، وكأن هموم الدنيا جميعها قد تحاملت عليه. وذات يوم قرّر أن يبوح لي بسرّه، أن زوجته هي سبب معاناته وبدأ يفكر جدياً بالطلاق بعد سنوات من العذاب. ما القضية؟ إنها تغتصبه باستمرار! كيف؟ حسناً، بدأت القصة قبل أعوام عندما بدأ يفقد رغبته الجنسيّة بعض الشيء، فلم يرق الموضوع للزوجة التي لم تتفهّم الأمر بل استشاطت غضباً وما كان منها إلاّ أن طلبت منه تناول حبوب "الفياغرا" كي يُرضي حاجاتها الجنسيّة. ولم تتوانَ أيضاً عن اللجوء الى العنف في بعض الأوقات كي تحصل على مرادها.
أما خلود، فتقرّ بأنها لا تشعر باللذّة ما لم تمارس الجنس مع زوجها عنوة، فسعادتها تكمن في اللحظات التي تشعر فيها أنّ زوجها ضعيف ومغلوب على أمره في الجنس. "لا أحب أن يكون هو المسيطر دائماً خلال الاتصال الجنسي، بل أرغب في أن أكون معه في الفراش العنصر القوي الذي يقود اللقاء الحميم بكل تفاصيله، لذا ألجأ في أحيان كثيرة الى استعمال العنف معه وممارسة الجنس بالقوّة، حتى لو لم يكن راغباً فيه". أما عن موقف زوجها حيال الأمر، فتقول إنه دائماً ما تنشب المشكلات بينهما بسبب ذلك، "لكن أظن أنه أفضل من أن ألجأ الى خيانته!".
لماذا تغتصب المرأة.. الرجل؟
ترى المعالجة النفسيّة الدكتورة ميراي عبدالله، أن المرأة التي تستطيع اغتصاب رجل أو الإيقاع به لديها قدرة عالية على السيطرة، وتوضح أن "المجتمع الشرقي يعطي عادةً للرجل الحق في الحب والاختيار في الزواج، ويسمح له بممارسة أمور عدة، في حين أن المرأة التي لا تملك هذه الصلاحيات فهي تستغل الرجال الأدنى منها على المستوى الإجتماعي والسلطوي مثل البوّاب والطبَّاخ والسائق والبائع، وهذا لا يفسر على أنه خلل نفسي بل يعود إلى حالة التفكك التي تعيشها المجتمعات، بالاضافة إلى الحرمان والإحباط وعدم توافر فرص الزواج مما يدفع ببعض النساء إلى القيام بمثل هذه الأفعال". أن تغتصب المرأة زوجها، فهذا برأي عبدالله "نقص في الأنوثة وحاجة الى ممارسة الجنس، فهي تفتقر اليها بسبب إحجام زوجها عن القيام بواجباته الزوجيّة معها لأسباب عدة،
وأحياناً يكون السبب هوساً بالجنس ونوع من أنواع الهوّامات التي تسيطر على المرأة فلا تشعر بلذّة إلاّ إذا مارست العنف على زوجها". ثم أن اغتصاب الرجل من الناحية الفيزيولوجيّة صعب بحسب عبدالله، "وكي يتم الاتصال الجنسي لا بدّ من أن تكون الرغبة نابعة من داخل الرجل كي يتحقق عنده الانتصاب فتتم عملية الاتصال الجنسي، لكن مع انعدام الرغبة لا يمكن أن يقيم الرجل أي علاقة جنسيّة. وعملياً لا يجوز اغتصاب الرجل من دون رغبته، لكن إذا تمّ استدراجه واستجاب لها تكون العلاقة حينئذ بمحض إرادته، بعدها يدعي أنه اغتُصب رغبة منه في التخلّي عن مسؤوليته تجاه هذا الفعل وأملاً في عدم الشعور بالذنب". وتشير الى عوامل عدة قد تؤدي إلى حوادث اعتداء النساء على الرجال، فالفتاة لها حاجاتها الإجتماعيّة والعضويّة والنفسيّة، إلى جانب مشكلة البطالة والفراغ الذهني والعاطفي، وعند غياب ذلك تكون لديها الجرأة في بعض الأحيان لإشباعها بالطرق غير السليمة ومنها اغتصاب الرجل، بالإضافة الى الإحباطات النفسيّة والظروف التي نشأت فيها النساء منذ الصغر، فثمة احتمال بأن تكون المرأة قد تعرضت لاعتداءات جسدية أو مادية في صغرها وعانت معاملة قاسية".
وللاغتصاب آثار وعواقب وخيمة على الضحية في المديين القريب أو البعيد، "وتختلف ردّات الفعل من شخص الى آخر، فالاعتداء الجنسي قد يعرّض المرء لأزمات نفسيّة مزمنة لا تختفي أعراضها أبداً، بينما ثمة أشخاص يتأثرون بطريقة نسبية وسرعان ما تزول الآثار السلبيّة. وبطبيعة الحال، تكون درجة التأثر وفق طبيعة الحادث نفسه وشخصيّة المغتصب وقدرته على تحمل آثار التجربة ومرارتها والوسط الذي يتعايش فيه وطبيعة المساعدة التي يتلقاها".
نظرة قانونية
أما بالنسبة الى القانون اللبناني، فإنّ فقهاءه يعرّفون الإغتصاب على أنه اتصال رجل بإمرأة اتصالاً جنسياً كاملاً من دون رضى صحيح منها. كذلك عرّفه الإجتهاد اللبناني بأنه الإكراه بالتهديد والعنف على الجماع. ويشرح المحامي بيار جبر أن المادة 503 من قانون العقوبات اللبناني، اعتبرت أن الاغتصاب "هو إكراه غير الزوج بالعنف والتهديد على الجماع. وتقوم جريمة الاغتصاب على ثلاثة عناصر هي أولاً الفعل المادي المتمثل بالجماع، ثانياً الإكراه بالعنف والتهديد، وثالثاً القصد الجرمي. وتعتبر جريمة الاغتصاب في القانون اللبناني جناية يعـاقب عليها بالأشغال الشاقة 5 سنوات على الأقل وفـقاً للمـادة 503 قانون العقوبات". وحدّد المشترع الظروف المشددة والمخفّفة لجريمة الاغتصاب، من دون الإشارة الى اغتصاب الرجال في شكل واضح مما قد يستدعي إعادة النظر في هذا الموضوع، على غرار ما فعلت وزارة العدل الأميركية منذ فترة غير بعيدة، إذ عدّلت المدلول القانوني لجرم الاغتصاب، إذ بات يشمل اعتداءات متعددة الشكل على النساء، وكذلك توسيع دائرة المستفيدين منه بحيث يشمل الرجال الذين يتعرّضون لانتهاكات جنسيّة. ووفق التعديل، فقد بات التعريف الجديد للاغتصاب يشمل كل عملية إيلاج لا تتم بموافقة الطرفين، بصرف النظر عن الهوية الجنسيّة للمهاجم أو للضحيّة. وبموجب النص المعدل، فإن كل إدخال يتم بالإكراه لجسم من أي نوع كان في الضحية يعتبر اغتصاباً، كما يندرج ضمن الجريمة نفسها عملية إدخال العضو الجنسي لشخص ما في فم شخص آخر عبر الإكراه. وهذا التعديل يسمح للكثير من ضحايا عمليات الاغتصاب أو الإعتداءات الجنسيّة بتحقيق العدالة، كذلك يتيح لوزارة العدل التعرف في شكل أوسع الى مستويات العنف التي تشملها هذه الجرائم.
كيف تتم العملية؟
فيزيولوجياً، لا يمكن عملياً وميكانيكياً أن يتم اغتصاب الرجل عنوة، كما يشرح الإختصاصي في الصحة النفسية والجنسية الدكتور بيارو كرم، "وقد تتم ممارسة الجنس معه بالإكراه لكن لا يمكن أن تمارس معه المرأة في حال لم يتم الانتصاب، لكن يمكن المرأة أن تستغل ضعف الرجل في مكان ما كأن يكون تحت تأثير الكحول فتسيطر عليه فتكون الجلاد ويكون الضحية، وفي هذه الحال يجب أن تربط الطرفين معرفة سابقة. وثمة حالات تعتدي فيها المرأة على الرجل جنسياً كأن تضع شيئاً على جهازه التناسلي، مما يسهّل عملية الانتصاب والإيلاج، وأيضاً قد تمارس المرأة أنواعاً مختلفة من الإغراءات كي يحصل الانتصاب لديه". ويشير كرم الى حالات شهيرة في العالم تعرّض فيها رجال للإغتصاب، مثل كاهن اغتصبته ثلاث نساء في الحرب العالمية، وحالات في أفريقيا تغتصب فيها النساء الرجال لتحصل على السائل المنوي الخاص بهم لإنجاب أطفال يشبهونهم. الى جانب اغتصاب المرأة للشباب الصغار في السن.
لا يرغب بها!
يمكن القول إن الرجل قد تعرّض للاغتصاب عندما يكون في علاقة يجد نفسه مجبراً فيها على أن يقيم علاقة جنسية مع شريكته، فيكون الرجل مضطراً لممارسة الجنس لسبب ما. وتعرض المعالجة النفسية والأستاذة الجامعية الدكتورة رندة شليطا، حالة رجل كانت إحدى النساء تمارس عليه ضغطاً وتهدده بملف خاص به بأن تدخله السجن في حال لم يقم معها علاقة جنسية، "والمفارقة كانت في أن الرجل لم يشكُ من الأمر خلال حدوثه، بل لجأ الى العلاج النفسي بعد أن تخلّت عنه المرأة إذ انه كان يجد في ذلك لذة ترضي رغباته!". وعادةً لا يتذمر الرجل برأي شليطا، إلا إذا كان مع إحدى النساء اللواتي لا يرغب بهن ويكون مجبراً على أن يكون برفقتها.
