السبت، 21 يناير 2012

السادية والمازوشية -الجزء الثاني -


المازوشية:- هي صفة الخضوعية للحصول على المتعة عند تلقي التعذيب ، وتكمن الإثارة الجنسية للمازوشي بالأذى الذاتي، ولا يستمتع إلابدرجة بالغة من الألم قد تؤدي الى موته أحياناَ. ينسب مصطلح المازوشية الى الكاتب والروائي النمساوي ليكود زاخر مازوش االذي عاش في القرن التاسع عشر الميلادي وهوصاحب الروايات التى تميز أبطالها بالأذى للتلذذ . ولعل أشهر رواياته هي (فينوس ذات الفراء) التي تستعرض بين طياتها فترات وتجارب من حياة هذا الروائي وخاصة فترة الطفولة، فلقد كان مازوش يعيش مع عمته التي كانت تعاشر عشيقاَ لها بين الفينة والفينة، فدفعه حب الإستطلاع يوما الى أن يختبيء في خزانة الملابس في غرفة عمته ليشاهد بعينيه تلك الممارسة الجنسية، وبينما كان منهمكاَ بمشاهدة تلك المناظر بدت منه حركة جلبت إنتباه العمة وعشيقها مما عرضه للعقاب الشديد.
والمازوشية سببها إضطراب جنسي يستهدف الحصول على المتعة الجنسية عن طريق الشعور بالم نفسي أوبدني أو كليهما وتزداد حاجة المازوشي لهذا الآلم بمرور   الزمن وخاصة في فترات الضغوط النفسية والإجتماعية، وتكون أغلب حالات تعذيب الذات والحصول على اللذة والمتعة ناتج عن عقدة منذ الصغر تتعلق بالأهل وهم يعذبون أطفالهم بالضرب المبرح على مؤخرة الطفل لينتهي بهم الأمر الى مزج اللذة بالألم فيعتاد الطفل على إيجاد اللذة في الضرب والإهانة عندما يكبر أو يبدأ بالبحث عن هذا الشعور الممتع في علاقته الجنسية وقد يحصل للأشخاص اللذين يعيشون في أجواء عائلية سيئة مع والديهم .
كما أن ضم الطفل من قبل أفراد عائلته بقوة   الى صدورهم أو قرصه في أنحاء مختلفة من جسمه سيولد عنده إرتباط اللألم باللذة والأستمتاع فيؤدي به الى الحالة المازوشية . وأن منعه من التعبيرعن مشاعر العدوان الطبيعية يؤدي به الى توجيهها نحو ذاته في أوقات التوتر. والمازوشي يهوى مشاهدة الأفلام الرومانسية والآستماع الى الأغاني الحزينة الهادئة. كما يميل الى الطريقة الرومانسية في الحب والى الدبلوماسية في حل المشاكل. إن بذورالسادية والمازو شية يمكن ملاحظة بذورهاعند الطفل منذ نشأته فنجده يمارس الساديةأ والمازوشية.
بشكل أو بآخر، والمازوشية وسيلة لتخفيف الألم المعنوي ووضع الألم الجسدي مكانه أو لفت أنظار المجتمع الى معاناته النفسية للإهتمام به وإحتضانه أو مساعدته. وقد تتأتى المازوشية من شعور الشخص بألذنب. ينفذ المازوشيون إندفاعاتهم ونزواتهم على انفسهم بمفردهم أو عن طريق الآخرين. فتبدو المظاهر الفردية للمازوشية بأنماط مختلفة كأن يربط نفسه أو يوخزجلده(سادية صغيرة) أو يصعق نفسه بالكهرباء، أو يحرق نفسه أو يقطع أحد شرايينه بشفرة أو سكين ويتلذذ بالإنتحار وغيرذلك كثير . أما المظاهرالجماعية فتتمثل بعصب عيني المازوشي أو تقييده بالسلاسل أو ضربه بالسوط أوبالعصا أوحتى بقضيب من حديد .
أو إغتصابه أو حتى خنقه ويجبر على المشي على أطرافه الأربعة كالحمار أو الكلب .أوتعريضه للشتم أو الضرب أو الذبح حتى. كما يشعر المازوشي بالمتعة إذا عومل كطفل صغير بلا دفاع، أوإذاأنقص الأوكسجين المستنشق (ويتم ذلك بطرق مختلفة) فيؤدي الى إفرازات بايولوجية تشعره باللذة والأثارة. فالمازوشية مرض نفسي من الصعب على الأنسان السوي إكتشافه في صاحبه المصاب.                                
والمازوشيون هم أشخاص يبحثون عن اللذة ،يحترم بعضهم البعض ويمارسون الجنس وشذوذهم وكأنهم يلعبون . يبدأ اللعب والمداعبة من أبسط شيء الى حد الشذوذ الذي يولد أموراَ خطيرة وقدتتحول العلاقة من لعبة صغيرة الى جرم كبير. ويعتقد البعض أن السادية مرض الرجال كما أن المازوشية مرض النساء، لكن الأبحاث تقول العكس ، إذ أظهرت أن المصابين بالمازوشية من الرجال أربعة أضعاف المصابين من النساء (وهذه النسبة للمصابين به كمرض) والمازوشية مرض يصيب المرء الذي تملؤه العواطف أومن لديه نقص في العاطفة منذ الصغر .                                    
إن الآعراض البسيطة التي تظهر على كل من السادي و المازوشي لا تعد شذوذاَ وعادة مايحتاج كل منهما على حد سواء الى علاج نفسي طويل الأمد لمحاولة تصحيح هذا الإنحراف والسلوك الشاذ. والشخص السادي يختلف عن الشخص المغتصب (بكسر الصاد) فقد دلت التحقيقات الجنائية في مثل هذه الحالات أن مابين كل أربعة أشخاص مغتصبين (بكسر الصاد ) يوجد في الأقل سادي واحد من الفاعلين . او شخص واحد له ميول سادية . والسادية والمازوشية على حد سواء هما عبارة عن تبادل مشترك ومنظم للتسلط والخضوع بين الشركاء المساهمين أو المنساقين طوعا في هذه العلاقة الغريبة. وهي تنفس طبيعي للحرمانَ المشترك للذة المتعارف عليها. وتتداخل أحياناِ الدوافع العدوانية ضد الآخر (سادية) أوضد الذات (مازوشية) وتوجد في الشخص نفسه، ( وهذا يمثل 30% من الحالات) فنجد الشخص يمارس السلوك السادي احياناَ مع أشخاص، ويمارس السلوك المازوشي أحياناَ مع أشخاص آخرين والسادية والماسوشية موجودة في الحياة الجنسية السوية على صورة سيادة وخضوع ,فاعلية وسلبية إذ يضع الشخص نفسه على نحو متخيل مكان الآخر، كما توجد سادية ماسوشية مختلفة عن الإنحراف الجنسي فهي تظهر على وجهى الخصوص في الإخفاقات والآلام النفسية التي يفرضها بعض الأشخاص الذين تغذيهم عاطفة إثمية على أنفسهم.
إن الحالة النموجية في العملية الجنسية هي أن يكون الرجل له ميول سادية خفيفة ويكون للمرأة ميول مازوشية مقبولة فيشبع الأول رغبته بإيقاع ألم لطيف بالطرف الثاني التي تمتلك في اعماقها رغبة أو حاجة الى سيطرة الرجل عليها ، فهو بذلك يجيد إذلالها فيشعرها بأنوثتها بقهر الرجل لها. من المفيد تكرار القول بأن السلوك السادي والسلوك الماسوشي لايكونان مقتصرين على مواضيع الجنس فقط بل يتسع ليشمل مساحة أكبر من ذلك( سادية معنوية ) . فبعض السياسيين يفرطون في إستعمال القوة مع شعوبهم وبالأخص الخصوم منهم فيستعوا بإيذائهم ويتلذذون بتوسلاتهم ، وحتى في موضوع الإعلام نلاحظ بعض الإعلاميين السيا سيين يظهرون على الشاشات يكيلوا السباب ويهددون بكشف فضائح مفترضة لمجرد الإختلاف بالرأي,وهذه سادية. والأمر نفسه ينطبق على بعض الصحفيين اللذين يملكون قدراَ من السادية إذ ينبري أحدهم لتأديب آخر تورط بطرح قضية مخالفة لمزاجه أو لأنه طرح موضوعاَ يهدد مصالحه الشخصية فيكون الرد خالياَ من كل ذوق أو دبلوماسية وبسلسلة من المقالات . وعلى العكس من ذلك فإن المازوشي يعيش المخاطر ويميل الى تشويه نفسه بالقيام بإيذاء ذاته وقد يرغب يمعاملته كطفل عاجز أو مسكين ذليل... إلخ.
لقد تناول علماء النفس السادية والمازوشية بالدراسة المستفيضة والإهتمام فقد اعتبرها فرويد شذوذاَ, وهو ألأكثر شيوعاَ فهويعني الميل الى إيلام للموضوع الجنسي ونقيضه. وبيَن أن المازوشية هي إنقلاب السادية ضد الشخص وإنهما عند الشخص نفسه، فقد يشعر بأللذة عندما عندما يؤلم الآخرين يشعر باللذة إذا تلقى الألم. فعندما يتغلب عليه الجانب النشيط (السادي) أو الجانب المازوشي فالشكل الغالب يسيطر على معظم نشاطه الجنسي.
ويرى ان السادية تهدف الى إهانةالآخر والتسلط عليه أي ميل الشخص للقيام بالأعمال قسراَ وضرورة التغلب على الموضوع الجنسي من الناحية البايولوجية. أما المازوشي فلديه ميول وتخيلات تدميرية تجاه ذاته. والمازوشية الجنسية بالذات أكثر إنتشاراَ لدى الرجال عما عليه لدى النساء. ولما كان السلوك المازوشي لايتوقف عند الممارسة الجنسية فقط بل يظهر في السلوك اليومي ( مازوشية معنوية) . فقد يميل المازوشي الى أن يكون مظلوماَ دائماَ,ويعرض نفسه بدون أو بغير وعي للإهانة والإذاء النفسي والبدني ولسان حاله يقول (اللهم إجعلني مظلوماَ ولا تجعلني ظالماَ) .بينما تتجلى السادية المعنوية بالبيت الشعري التالي :    
من لم يذد عن حوضه بسلاحه ، يهدم ومن لايظلم الناس يظلم                                        
العالم النفساني (جون موتي ) يضع خمسة أسباب للسادية الجنسية هي الإستعداد الوراثيالإضطراب الهورموني العلاقات المرضية وجود تاريخ للإستغلال الجنسي المبكر، ووجود إضطرابات نفسية أخرى.
إذ يعدها المكون العدواني للنزوة الجنسية وجزء من نزوة الموت الحليفة للنزوة الجنسية وتتجه نحو الخارج. والسادية تحقق تشابكاَ بين نزوة الموت والنزوات الجنسية، وهي طريق نشيط للعدوانية. والعدوانية ليست دائماَ تعبيراَ عن الهوامات الجنسية ويعتقد فرويد بأن المازوشية أسبق لأنها إبتدائية والسادية ثانوية. وفَي حالة كون المازوشي رجلاَ فإن هناك إحتمالاََ بأن لديه ميولاَ جنسية مثلية خاضعة تتوحد مع الموقف الأنثوي الخاضع إن اللذة عند السادي أو المازوشي ترتبط إرتباطاَ عميقاَ بالعذاب او التحقير أو التحطيم، فالعنف هو الطريق لتفجير هذه اللذة ولا يعرف كيفية ظهور مكوناتها إلا بوساطة السلوكيات والتصرفات العنيفة. كما أن فرويد فيعزو السادية الجنسية الى الخوف من (الخصاء) فالشخص السادي لديه عقدة الإخصاء والشعور بالذنب فهو يظهر درجة كبيرة من العنف في اثناء الممارسة الجنسية كدفاع ضدإحتمالات الإخصاء التي يخشاها في عقله الباطن. إن علاج السادية والمازوشية إما أن يكون دوائياَ إذ يعطى الدواء لأي إضطراب نفسي مصاحب كالفصام أو الإكتئاب. وفي بعض الحالات تفيد الأدوية المخففة لمستوى الهورمونات الذكرية، إذ يكون يكون العلاج المعرفي السلوكي من قبل المعالج فيتعرف المريض على أبعاد هذا السلوك ومعناه ومخاطره والأخطاء العرفية المحيطة به او بالعلاج الموجه أو بالعلاج الموجه نحوه الإستبصار ويتم ذلك بدراسة تأريخ المريض وا كتشا ف الأسباب النفسية الكامنة خلف هذا السلوك وتبصير المريض به والعمل على تنفيره من تلك الممارسات العنيفة .
كما يتم علاج المريض أيضاَ بتعويده وزوجته على هذا السلوك (السادي والمازوشي ) بناءاَ على ما عرفا من إحتمالات الخطورة ،وقد يفقدان جزءاَ من الإثارة الجنسية في البداية، لكن مع الوقت يستطيعان الوصول الى ممارسة جيدة دون عنف خاصة إذابحثا عن طرق أخرى للإثارة أكثر أماناَ.
وربما يحتاج أحدهما أو كلاهما الى علاج دوائي الى جانب العلاج النفسي وفي الختام على القاريء ان يتعرف على جانب مهم من حياته النفسية والجنسية من خلال ماسبق ذكره .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق